مفهوم تسييس الدين بنظرة ذاتية
* قبل أن ابدأ في الانخراط في موضوع تسييس الدين على مراحل التاريخ المصري المختلفة أود أن أوضح نظرتي الذاتية لمصطلح تسييس الدين فالبعض يراه ربط السياسة بالدين أو علاقة الدين بالسياسة و لعل برزت هذه الفكرة نتيجة للصراع الدائر في العالم حاليا حول ماهية العلاقة بين السياسة و الأديان . و لكن رؤيتي مختلفة قليلا فما أراه بمصطلح تسييس الدين هو على الصعيد العام تحويل ما هو اجتهادي إلى شرعي تقديسي و جعل الرأي البشرى رأى مقدس لتحقيق مصالح شخصية لا دينية أما على الصعيد الخاص بالسياسة و السلطة و هو ما سأتناوله في هذا المبحث هو استخدام الأشخاص للدين و المعتقدات للوصول لأغراض سلطوية سياسية ليست ذو نية دينية . و بما إن مصر هي أقدم دول العالم تاريخا و أكثرها استيعابا للأفكار و الحضارات المختلفة فسنجد أن التاريخ المصري ذخير بمواقف تسييس الدين للوصول للسلطة و الحكم سواء من قبل أشخاص أو جماعات على مر التاريخ مع اختلاف العقائد و الأديان و الحضارات . و نظرا لضيق المساحة المتاحة في المبحث فسأكتفى بذكر مثال أو اثنين من كل عصر من عصور التاريخ المصري لإبراز الفكرة و توضيحها .
العصر الفرعوني
منذ أن بدأ المصري القديم في الاستقرار في الوادي و التأمل في الموجودات من حوله , خرج بنتائج هذا التأمل و هي عقيدة المصري القديم و حضارته . و من هنا نستنبط أن حضارة المصري ارتبطت بصفة مباشرة بعقيدته لأنهم وليدان نفس التأمل لنفس الشخص و من هنا أيضا نستنتج صفة وجدت في المصري القديم منذ بداية حضارته و استمرت معه و هي الارتباط القوى بعقيدته . و بهذا فكل الأطر و النظم المنظمة لحضارته و منها نظام الحكم السياسي كان يجب أن تكون متوافقة و مرتبطة مع العقيدة المصرية القديمة . و بهذا لم يكن ملك مصر على مر التاريخ المصري القديم مجرد حاكم أو مالك للأرض و لكنه كان رمز ديني أحيانا يعتبر اله كما في الدولة القديمة أو يعتبر شخص مكلف من قبل الإله أو ابن للإله . و بهذا كان يجد الحاكم قابلية للحكم من قبل الشعب بسهولة و بهذا سنجد ارتباط أي صراع سياسي على مر التاريخ المصري الفرعوني مقرونة بفكرة تسييس الدين لان أي صراع سياسي من قبل أطراف مختلفة سيهدف في النهاية للوصول للأكثر قابلية للحكم من قبل الشعب و بما إن قابلية الحاكم مرتبطة بالدين عند المصري القديم فبهذا بالتبعية ستلجأ الأطراف المتصارعة على الحكم إلى تسييس الدين للحصول على قابلية الشعب . و أحيانا كان يواجه الحاكم المصري بعض المعوقات التي تأثر على قابليته للحكم و من هذه المعوقات الأصل الملكي مثل في حالة الملك تحتمس الرابع الذي لم يكن من اصل ملكي خالص و بهذا استعان بكهنة رع لتأليف قصته المشهورة المذكورة على لوحة الحلم المتواجدة في جبانة الجيزة بين قدمي تمثال أبى الهول و التي بمقتضاها يوضح انه مكلف من قبل الإله رعحوراختى بحكم مصر و بهذه القصة استطاع اعتلاء عرش مصر و الحد من سلطة كهنة العقيدة المنافسة عقيدة آمون و من العراقيل الأخرى الجنس مثلما في حالة الملكة حتشبسوت التي كانت تريد الاستقلال بحكم مصر و هي امرأة فاستعانت بكهنة آمون لتأليف قصة الولادة الإلهية المذكورة على جدران معبدها في الدير البحري و التي بمقتضاها استطاعت أن تثبت إنها ابنة الإله و هي الأحق لحكم البلاد و بالفعل استطاعت و استقلت بالحكم , و بهذا كان يلجا دائما الحكام إلى الكهنة لكي يؤلفوا لهم القصص الدينية التي تعطيهم القابلية للحكم بل و أن في بعض الأحيان استغل الكهنة مركزهم الديني و استطاعوا الوصول للحكم عن طريق تسييس الدين مثل الملك أوسر كاف في الأسرة الخامسة و من جانب أخر قامت بعض المذاهب الدينية التي حققت ثورة دينية عقائدية لتحقيق أهداف سياسية مثل في حالة الملك اخناتون و فكرة عقيدة أتون الجديدة التي تلغى كل العقائد الأخرى بأطرها و كهنتها و تظهر بفكرة الإله الواحد و الكاهن الواحد الذي هو السبيل للوصول لذلك الإله و هو في نفس الوقت الملك الحاكم و بهذا يكون من السهل الاستقلال بالسلطة و الحد من نفوذ أي سلطات دينية أخرى غير سلطة الملك الحاكم الكاهن . و هذا الاستخدام للعقائد في الحضارة المصرية القديمة كوقود للأهداف و الصراعات السياسية أدى إلى تفكك المجتمع ¸العقائد و المذاهب بداخله مما يساعد على أنفكاك البلاد و الاضمحلال و فتح المجال للقوى الاستعمارية من الخارج لاحتلال البلاد مثلما حدث في فترة الاضمحلال الثانية و في العصر المتأخر , و قد يكون هذا الاستخدام للدين سبب من أسباب ضعف العقيدة المصرية القديمة و بالتالي تأخر الحضارة المصرية بل و زوالها .
العصر اليوناني
فتح الاسكندر مصر في خريف عام 332 , و ما كاد أن يصل إلى منف حتى سارع إلى تقديم القرابين للالهه المصرية الوطنية ؛ و تتويج نفسه في معبد فتاح على نهج الفراعنة القدماء ؛ و السؤال هنا هل كان الاسكندر حقيقة يؤمن بالعقيدة و الآلهة المصرية القديمة ؟ فالإجابة ستكون لا لان من الصعب أن يكون هذا الشاب ذو العقلية الفذة تلميذ الحكيم أرسطو أن يؤمن بالعقيدة المصرية كاملة بحكمتها و لكنه بالتأكيد في الفكر يتبع المدرسة الارسطية و في العقيدة يوناني مقدوني مرتبط بالثقافة اليونانية . إنما ما هو قريب للواقع انه أراد أن يحصل على قابلية المصريين لحزبهم إليه و السيطرة على مصر إذن فاختار كالعادة تسييس الدين لتحقيق ذلك و كان الوضع مؤهل لذلك بعد عصر من الاضطهاد الديني عاشه المصريون من قبل الفرس . إذن فبتتويجه بطريقة شرعية على نهج المصريين القدماء قد ضمن إخلاص و ولاء المصريين له . و لعل ما يؤكد تمسك الاسكندر بالحضارة الإغريقية انه يوم خرج من بلاده قاصدا فتح الشرق قد أعلن انه رافع لواء الحضارة الإغريقية و لهذا بعد تتويجه في منف أقام حفلا إغريقيا رياضيا موسيقيا خالصا . و من هنا تتضح لنا سياسة الإغريق من بداية الاسكندر و حتى نهاية العصر البطلمى و هي أيضا تسييس الدين لبسط السيطرة على شعب مصر و حكم مصر وهذا يتجلى لنا بشدة في العصر البطلمى بعد أن استقل بطليموس الأول بمصر أعلن نفسه ملك مؤله على مصر و أعطى لنفسه حق ملكية أراضى البلاد و اعتبره حق ديني ؛ و تم إنشاء في مصر فقط ثلاث ولايات إغريقية يعاملوا معاملة الولاية الإغريقية من ثقافة و حقوق للمواطنين و هم الإسكندرية و بطولوميس و نقراطيس أما بقية الاراضى المصرية و التي كان يسكنها المواطنين المصريين الأصليين ذو الثقافة المصرية و العقيدة المصرية فأراضيهم كانت تعد ملك للملك الإله و هم عبيد هذا الملك في خدمته . و تدل لنا الوثائق التاريخية الهيروغليفية و الديموتيقية أن الملك بطليموس الأول حمل بعض ألقاب ملوك الفراعنة التقليدية و أيضا الملك بطليموس الرابع الذي يعد الملك الذي اتخذ صفة الفراعنة كاملة و هذا ليضمن ولاء المصريين التام لأنه في عهدة قرر الاعتماد عليهم في الجيش و بهذا حاول أن يتقرب أليهم عن طريق الدين لكي يضمن ولائهم . و لكن البطالمة من داخلهم كانوا متمسكين بعقيدتهم الإغريقية و آلهتهم الإغريقية و هذا التمسك كان يظهر لنا في الولايات التي تعامل معاملة الولاية الإغريقية في مصر . و أدرك البطالمة تأثير مكانة الكهنة المصريين على عامة الشعب فاستمالوهم عن طريق العامل المادي لاستغلالهم لنشر الهدوء و السكينة و لكنهم لم يدركوا النزاع القديم بين كهنة منف و كهنة آمون فأحيانا كان ينقلب الأمر و نجد أن في توتر علاقات البطالمة مع كهنة آمون نجد على الجانب الأخر تحسن العلاقة مع كهنة منف و العكس صحيح . و من هنا بدا ظهور الضغائن و بداية الثورات الشعبية التي كانت بتأييد ديني من الكهنة حتى أهلكت هذه الثورات الحكومة المركزية البطلمية و كانت سبب رئيسي من أسباب ضعف دولة البطالمة و انهيارها .
ديانة سيرابيس : و هي محاولة فاشلة لتسييس الدين اقرب من محاولة الملك المصري القديم اخناتون حيث أن الملك بطليموس الأول لاحظ تعدد الفرق و الأجناس ذات الثقافات الدينية المختلفة مما قد يؤثر على وحدة مصر في مصر و الحفاظ على ثروة مصر التي كانت من وجهة نظرة مرتبطة بعمل المصريين و الإغريق سويا و بهذا حاول جمع الكهنة لتأليف ديانة جديدة تجمع بين العقيدتين المصرية و الإغريقية للتأليف بين قلوب الشعب و استقر الكهنة على أن يكون محور الديانة ثالوثا مكون من الإله سيرابيس الاغريقى و الالهه ايزيس المصرية و ابنهما هاربوكراتس الذي يعتبره البعض شكل من أشكال الإله حورس كما أنهم حاولوا الدمج بين العديد من الآلهة المصرية و الآلهة الإغريقية . و رغم أن هذه الديانة انتشرت ليس في مصر فقط بل في البحر المتوسط كافة لكنها لم تحقق غرضها السياسي المرجو منها حيث أن المصريين لم ينسوا عقيدتهم القديمة و حتى من عبدوا ثالوث سيرابيس عبدوهم على شكل الآلهة المصرية القديمة و نفس الحال بالنسبة للإغريق و لم تنجح هذه الديانة في استقطاب قلوب المصريين و الإغريق لأنها كانت مفتعلة نتيجة لتسييس الدين لذلك مثلما لم تنجح قديما عبادة أتون أيضا لم تنجح عبادة سيرابيس في مصر .
العصر الروماني
اعتمد الرومان في حكمهم عموما على القوة و لم يتدخلوا بشكل كبير في العقائد المتواجدة في مصر سواء كانت مصرية قديمة أو إغريقية أو يهودية . و نستطيع أن نقسم العصر الروماني إلى فترتين الأولى هي ما قبل ظهور المسيحية و الثانية هي بعد ظهور المسيحية و اعتبراها ديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية ؛ و في العصر الأول ففي بداية حكم الرومان في مصر كانوا ينظرون إلى معتقدات المصريين نظرة احتكار و لكن سرعان ما تغيرت هذه النظرة إزاء استمساك المصريين بمعتقداتهم و لذلك أدرك أباطرة الرومان حاجتهم لهذه المعتقدات لإصباغ مراكزهم بالصبغة الشرعية للحصول على قابلية الشعب لحكمهم و ضمان إخلاص الشعب لهم ؛ فبدأوا أن يحزوا حزو البطالمة في اتخاذ صفة الفراعنة . بل أن حاكم مصر الروماني أيضا كان يتشبه بالفراعنة فلا يركب النيل وقت الفيضان و يقدم القرابين عند بلوغ النيل أقصى ارتفاعه و غيرها من المظاهر . و أيضا اخذوا عن المصريين و الإغريق تاليه الملوك فقرنوا الأباطرة بالآلهة مثل أغسطس بزيوس و نيرون باجاثادايمون , أما في علاقة الرومان بالفرق الدينية المختلفة داخل مصر فقد اتبعوا سياسة فرق تسد لصرف هذه الفرق في النزاع فيما بينها بدلا من التوحد و الثورة على الرومان .
أما في الفترة الثانية بعد ظهور المسيحية و انتشارها حتى أصبحت الديانة الأولى منذ عهد ديوقلديانوس حتى دخول العرب فسنجد اختلاف قليل في مفهوم تسييس الدين فالأمر كان يميل أكثر إلى تدين السياسة حيث أن بعد انتشار المسيحية في مصر منذ بداية القرن الثالث الميلادي و استطاعتها بالتغلب على الأفكار و المدارس الوثنية بدا ظهور الخلافات بين المسيحيين أنفسهم و بدا ظهور بعد الفرق صاحبة الأفكار الجديدة مثل الاريوسية و التي واجهها الامبا اثناسيوس و أيضا النسطورية التي انتشرت في أوربا و الشام و التي واجهها الامبا كيرلس فلا سيما أن العديد من العامة تأثروا بتلك الأفكار و تلك الفرق المتناقضة و لا سيما الأباطرة و أصحاب المراكز السياسية فمنهم على سبيل المثال من تأثر بالفكر الاريوسى مثل قسطنطين و قسطنطيوس و يوليانوس و فالنس و أرادوا تفعيل هذا الفكر في قرارات سياسية تفرضه على العالم المسيحي و يرى البعض أن لولا وقفة اثناسيوس في مصر ضد هذا الفكر لكان من الممكن أن يتحول العالم المسيحي كله إلى الفكر الاريوسوى و نفس الأمر حدث مع الامبا كيرلس و مواجهته لهرطقة نسطور ؛ و لعل الخلاف الأبرز الذي استمر حتى الآن قد بدأ بخلاف بين كنيستي روما و الكنيسة المصرية عام 451 بعد ارتقاء الإمبراطور مرقيانوس العرش حين رفض الأنبا ديسقورس بطريرك الإسكندرية الموافقة على مسائل إيمانية أوردها لاون أسقف روما عن طبيعة المسيح و سرعان ما استخدم لاون نفوذ الإمبراطور و أقناعة بعزل ديسقورس بطريرك الإسكندرية عن منصبه و من هنا اشتد الخلاف و بدأت المذابح و الاضطهاد الذي عانى منه المصريين نتيجة هذا الاختلاف الفكري الديني بين اليعاقبة أو السريان و الأرثوذكس أتباع كنيسة الإسكندرية من جهة و الكاثوليك أتباع كنيسة روما من جهة أخرى و هذا الخلاف تحول لقرارات سياسية ظالمة على الشعب المصري مما أدى إلى انهيار مصر اجتماعيا و تفككها و ساعد على الفتح العربي للبلاد . و نستطيع أن نعتبر تلك الفترة فترة صراع فكرى عقائدي تحول إلى صراع سياسي و لا نستطيع أن نعتبر هذا الصراع نتيجة لتسييس الدين ؛ بل أن الخلاف الديني هو الذي اثر على الساسة و الحكام و تحكم بقراراتهم .
العصر الأسلامى
يعتبر بعض المؤرخين و المحللين أن الفتح العربي لمصر كان لمجرد رغبة في الاستيلاء على كنوز و ثروات البلاد و أن العرب المسلمين تستروا وراء عقيدتهم و سيسوها للوصول لتلك الأغراض المادية ؛ و لكننا لو تعمقنا في هذا الراى سنجد انه من الصعب أن يكون صحيحا حيث أن مصر فتحت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على يد عدد من الصحابة على رأسهم عمرو بن العاص و الزبير بن العوام ؛ و هؤلاء الصحابة على رأسهم الفاروق عمر اتسموا بالزهد و لم يكونوا أصحاب خزائن و ثروات سواء قبل الفتح أو بعده فمن أين ستأتي تلك النية المادية . و لكن الأرجح أن هذا الفتح كان نتيجة للصراع الاسلامى الروماني لرفض الرومان السماح للمسلمين بتبليغ رسالتهم بل و اضطهاد هذا الفكر الجديد و محاربته مما دعي المسلمين إلى صراع الروم لتبليغ رسالتهم الدينية و في هذا العهد كانت الفتوحات ذو نية دينية أو دفاعا عن المسلمين . و لكن نستطيع أن نرصد بداية فكرة تسييس الدين لدى المسلمين بعد عودة الصراع مرة أخرى العرقي الذي كان دائر في الجاهلية بين بنى أمية و بنى هاشم و بالتحديد ليس في بداية هذا الصراع بل بعد إنشاء الدولة الأموية و توريث الحكم ليزيد بن معاوية بن أبى سفيان و من هنا سارع الخلفاء الأمويين في استخراج الفتاوى من العلماء المسلمين لتأييد حكمهم و صلاحيتهم للحكم و من هنا بدأت فكرة تسييس الدين لكسب القابلية الشعبية للحكم دون اعتراض و لتطبيق شكل من أشكال الثيوقراطية مستنكرين مبدأ الشورى في الإسلام و لهذا فعلى اى حركة تريد أن تصل للحكم أن تطعن في دين أو نسب الفرقة الحاكمة مثلما حدث في الفكر الشيعي فإذا نظرنا لهذا الفكر في شقه السياسي سنجد انه متأثر بشكل كبير بتسييس الدين و الصراع العرقي الذي كان دائر فلذلك اعتبر الشيعة أن الخليفة يجب أن يكون من النسب العلوي و اعتبروا ذلك فرض كفاية و لهذا بدأ صراع الأنساب و اشتد من الجانب الأموي و العباسي و الشيعي , ثم حتى انقسم الشيعة أنفسهم بين الكاظمية و الإسماعيلية و هذا الانقسام في الأساس انقسام سياسي و عرقي و لكنه تحول إلى انقسام ديني مذهبي ؛ و لعل هذا التسييس كانت نتائجه وخيمة على الأمة الإسلامية من تفرق ديني أدى إلى تفرق المسلمين إلى فرق كثيرة و تصارعهم بعضهم البعض أدى إلى ضعف المسلمين و جعل بلادهم عرضة للاستعمار كما أن هذا التسييس أدى إلى فقدان الثقة في كثير من العلماء حيث أن من المفترض أن يكون العالم مستقل يخرج للناس ما ينصه الشرع و لا يتأثر بعرف أو سياسة و لكن هذا التسييس جعل الكثير من العلماء كالألعوبة في ايدى الخلفاء و قراراتهم السياسية و من كان يعارض هذا كان يواجه الكثير من المصاعب منها السجن و الحبس و التعذيب مثلما حدث مع الإمام الشافعي و الإمام بن حنبل و غيرهم ممن تمسكوا باستقلالية العالم و منهم أيضا القاضي احمد بن رقابة و غيرهم ممن تمسكوا بأراءهم و أفكارهم و عرضوها بحرية أمام الحكام دون اى حرج . و ولاة مصر و حكامها لا سيما تأثروا بهذه الطريقة في استعمال الدين للأغراض السياسية و من اشهر القصص المختصة بحكام مصر قصة احمد بن طولون في صراعه مع الخليفة الموفق عندما أراد الاستقلال بمصر و لجا بن طولون لاستخراج الفتاوى من العلماء بأبطال دعوى الموفق في السلطان و أعلن نفسه حاميا للخليفة المعتمد المغلوب على أمره و رفض الإذعان لأحمد بن طولون القاضي بكربن قتيبة و كان من اكبر فقهاء العصر في ذلك الوقت فسنجنه احمد بن طولون و في أواخر أيام حكمه ندم على ذلك و أفرج عن القاضي أبى بكر و طلب منه السماح و لكن القاضي رد عليه و قال ( شيخ فان عليل مدنف و الملتقى قريب و القاضي الله عز و جل ) و كان لهذه العبارة الأثر الشديد على نفس بن طولون و يقال انه أغشى عليه عند سماعها . و على وجه العموم برزت فكرة الخليفة المطاع بموجب الشرع الديني و أن الاعتراض عليه يعتبر خلاف مع الشرع و الدين و استمرت هذه الفكرة متواجدة في البلاد الإسلامية حتى ألان في بعض الفرق السلفية و البلاد صاحبة السلطة الملكية مثل المملكة العربية السعودية .
العصر الحديث و المعاصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق