الجمعة، 25 أبريل 2008

العقل والمجهول

خلق الله الانسان و ميزه بالعقل تلك الخاصية المتواجدة فى الانسان و التى تميزه عن باقى المخلوقات . و خلق الله الموجودات من حول الانسان و التى تعد بمثابة الشىء المجهول بالنسبة للانسان . و العقل البشرى يمتاز بالرغبة الدائمة فى البحث و المعرفة و تلك الرغبة يتم اشباعها عن طريق علاقة الانسان بالموجودات من حوله و استكشاف العقل البشرى لتلك الموجودات المجهولة بالنسبة له للتامل بها و جعلها معلومة . و تلك هى الفطرة العقلية الانسانية و هى البحث فى المجهول لجعله معلوم . و من ناحية اخرى فاذا نظرنا لتعريف العلم سنجده هو كل بحث فى المجهول و بالتالى من هنا نستنتج ان العقل البشرى وظيفته الفطرية هى البحث فى المجهول مكونا العلم . و اختلف الفلاسفة على مر العصور من الغاية من هذا البحث فارسطو راى ان هذا التامل فى المجهول او الموجودات الغرض منه ان يعرف الانسان ما يجرى حوله من متغيرات فى الطبيعة . اما بن رشد فيرى ان فكرة التامل هى فكرة فطرية فى العقل و يرى الغاية انها تتعدى الناحية العلمية المادية لتصل الى الناحية الروحانية حيث انه اعتبر هذا التامل واجب دينى حث الدين الاسلامى عليه و ذلك فى تفسيره لبعض الايات من القران الكريم مثل بسم الله الرحمان الرحيم : ( و يتفكرون فى خلق السماوات و الارض ) و الاية الكريمة : ((أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء))؟ و غيرها من الايات و من خلالها عبر ان الغاية من البحث بجانب انها غاية مادية لتكوين العلم الذى ينفع الانسان على الارض فانها غاية دينية حيث يحصل الانسان على الثواب ليصل الى الجنة فى الاخرة . و فى العصر الحديث يرى ديكارت ان الغاية هى تحقيق رفاهية الانسان من خلال هذا العلم . و كل تلك الاراء تؤدى الى نتيجة واحدة و هى ان العقل لديه فطرة طبيعية للبحث فى المجهول . و لكن هل يتضمن هذا المجهول الغيبيات ؟ و هل يستطيع العقل البحث فى الغيبيات ؟ . فاذا نظرنا لعلاقة الغيبيات بالمجهول فسنجد اتصال بينهم حيث ان الموجودات لا بد ان يكون خالق لها و هو الله و لكن هذا التفسير يعتمد على المنطق و لا يمكن اثباته بالناحية العلمية او بالتجربة المادية . فقد يستطيع العقل ان يصل من خلال بحثه فى الموجودات الى فكرة وجود خالق لتلك الموجودات و لكنه لا يتطيع اثبات ذلك بالتجربة العلمية المادية و بالتالى فهو فقط يعتمد على المنطق و الظن و ليس العلم . و بهذا لا يستطيع ان يكشف عن طريق العلم طبيعة الغيبيات او البحث فيها . هذا لان الغيبيات هى ليست امور مادية محسوسه مثل الموجودات يخوض فيها الانسان بعقله و يفسرها و يحللها مستخدما التجارب و المناهج . و هنا ياتى دور رسالات الاديان التى توضح تلك الغيبيات و طبيعتها و لا نستطيع اخضاعها للمعايير العقلية العلمية لانها من الناحية الشكلية ليست محسوسه انما من الناحية الروحانية هى محسوسه بالايمان . و بذلك نرى ان الانسان لا يستطيع ان يبحث فى الغيبيات عن طريق العقل و العلم فاما ان يؤمن بتلك الغيبيات او لا يؤمن بها و حينها سيعتبرها مجرد اساطير . فالانسان عن طريق العقل و التجربة العلمية ان يصل على سبيل المثال الى مكونات جسم الحيوانات و تركيباتها الجينية . و لكنه لا يستطيع عن طريق العقل و التجربة العلمية ان يصل على سبيل المثال الى مكونات جسم الملائكة و تركيباتها الجينية لانها غيب و ليست مجهول . حتى بهذا نرى فى معجزات الانبياء و الرسل ما لا يصدقه عقل و يفسره علم . و ايضا فى العلاقات العلاقات المباشرة بتلك الغيبيات او العلاقات التعبدية لا نستطيع احكامها عن طريق العقل و العلم فانها مثلها مثل الغيبيات اما الايمان بها او عدم الايمان بها . و من هنا نستخلص ان العلم هو البحث فى المجهول و ليس البحث فى الغيبيات . و نصحح بعض المصطلحات الخاطئة مثل علم التنجيم او علم الابراج فلا يوجد ما يسمى بعلم التنجيم لانه لا يبحث فى المجهول بل يبحث فى الغيبيات و بهذا فلا توجد له اداه او منهج او تجربة و بالتالى ما يصل اليه يعتمد فيه على الظن اى خرافات و ليس علم . و فى الغرب يطلقون عليه اسم العلم الزائف لاحتوائه على جزء علمى و هو علم الفلك . و الجزء الاخر هو الغيبى و ليس العلمى . و على مر العصور خلط العديد بين الغيب و المجهول و حتى الان يخلط البعض بين الغيب و المجهول مما يشوش المفاهيم الدينية و المفاهيم العلمية . و نتيجة لهذا الخلط نرى ان العالم يصرف اكثر من 40 مليار دولار سنويا على التنجيم و الابراج .

ليست هناك تعليقات: